شجرة تكشف الغاب

التّرجمات العربيّة للمصطلحات الفرويديّة

Raja BEN SLAMA

المترجم : HAJ SALEM Mohamed


  • fr
  • en
  • ar
  • tr
  • الصيغة متعددة اللغات
  • الصيغة البسيطة

"كان في مصر محلّلون نفسانيّون، لكنّهم رحلوا. وكانت عندنا مصطلحات تحليليّة ثابتة، ولكن لحقها الشّتات بعد هجرة المحلّلين النّفسانيّين وتدخّل المترجمين الغرباء عن التّحليل النّفسي وعن اللّغة الألمانيّة..." 

هذه هي العبارات التي كنت أسمعها بعد أن أقمت بالقاهرة في عام 2005، وأخذت أبحث عن المهتمّين فيها بالتّحليل النّفسيّ، وأستخدم لأوّل مرّة في حياتي كلمات ومفاهيم تحليليّة باللّغة العربيّة. فهل وصلت بعد فوات الأوان مثل الشّعراء البدو الذين يقفون على الأطلال لبكائها بعد فراق الأحبّة؟

لم يكن التّمرين المعجميّ، تمرين الكلام عن التّحليل الفسيّ بالعربيّة، ميسورا. فقد كان عليّ للتّفاهم مع محاوريّ أن أستخدم عدّة مترادفات عربيّة لكلّ مفهوم. وبما أنّ مصر ليست بلدا فرنكوفونيّا، فإنّ اللّغة الفرنسيّة لم تكن ذات فائدة كبيرة في هذا الخصوص، كما لم تسعفني معارفي المعجميّة المستقاة من الكتب، لأسباب ستتّضح لاحقا.

لكنّ المدهش في هذه الأقوال التي غالبا ما كانت فاتحة لمناقشاتنا وكانت تنزل عليّ كقرار المحكمة، أننّا نجد فيها جميع العناصر المكوّنة لأسطورة "تبلبل للألسنة" خاصّة بالتّحليل النّفسيّ وبظهوره في العالم العربي، قائمة على السرديّة الهواميّة التّالية : عصر ذهبيّ، يليه حدث مأساويّ، يليه شتات وتبلبل. فما هي أوّلا ملامح هذا الحدث المأساويّ، إذا ما اتّخذنا ترجمة مصطلحات مؤسّس التّحليل النّفسي مثالا معبّرا؟ 

من الواضح أنّ لهذه السّرديّة أساسا من الصّحّة، خاصّة فيما يتعلّق بهجرة عدّة أجيال من المحلّلين النّفسانيّين المصريّين، والعرب بصفة عامّة. ولنذكّر بأنّها كانت هجرة قسريّة بالنّسبة للبعض اقتضتها عوامل تاريخيّة كالأنظمة الاستبداديّة القائمة أو الحروب الأهليّة1. وبهذا، فإنّ "شتات" المحلّلين النّفسانيّين كان سابقا لشتات مصطلحات التّحليل النّفسي. لكنّ هذه السّرديّة لا بدّ من تنزيلها ضمن  سياقاتها الخاصّة و"ترجمتها" والانزياح بها حتّى يمكن النّظر إلى تداعياتها لا بوصفها ضربة من القدر، بل بوصفها تعبيرا عن خلل وظيفيّ أو عن منطقة معتمة، ليست محلّ  نقاش راهن حول ترجمة التّحليل النّفسي في العالم العربي.

تتعلّق هذه السّرديّة بموضوع مفقود خاصّ بالتّحليل النّفسيّ : المحلّلون المترجمون الأوائل. وإذا ما نزّلنا قصّة الموضوع المفقود للتّحليل النّفسي ضمن السّياق العامّ للخطاب حول التّرجمة، وجدنا أنّها ليست دخيلة على السّجلّ التّفجّعيّ الذي طالما حبس فيه المنظّرون فعل التّرجمة. فالتّرجمة حسب هذا السّجلّ تتمّ في ظلّ ضياع الأصل، والتّجاذب بين لغتين، والتّسليم باستحالة  التّرجمة. 

وقد سبق أن انتشرت مثل هذه الشّكوى في المجال الخاصّ بالتّحليل النّفسي في فرنسا ضمن خطاب يطالب بأخذ غرابة كلام مؤسّس التّحليل النّفسي بعين الاعتبار. ولنذكّر بسرعة بالمبدأ الإيطيقيّ الذي عبّر عنه أنطوان برمان (Berman) حين عرّف التّرجمة السيّئة بأنّها "التّرجمة التي تقوم عادة، تحت غطاء مراعاة قابليّة الانتقال، بإنكار منهجيّ لغرابة الأعمال الأجنبيّة''2. وهذا المبدأ هو ما استعاده جاك لابلانش (Laplanche) ليصوغه على النّحو التّالي: لا بدّ للتّرجمة أن تؤدّي  "غريب اللّغة الأجنبيّة وغرابتها، أي الجرمنة"3. [باعتبار أنّ فرويد كتب أعماله باللّغة الألمانيّة].

إنّ تأكيد غرابة اللّغة الألمانيّة على حساب غرابة اللّغة الأمّ والنّظر للأولى على أنّها مشوِّهة للثّانية4، يحوّل التّرجمة  إلى سعي حثيث يائس إلى نصّ ولفظ مؤسّس التّحليل النّفسي، سعي إلى استعادة "لغة فرويد الألمانيّة" وإعادة إنتاجها "حتّى لو أدّى الأمر بنا إلى التعسّف على اللّغة الفرنسيّة لكي نكون فرويديّين"، على حدّ تعبير جورج آرثر غولدشميت5 (Goldschmidt). ولم يتخلّف زجر الأنا الأعلى وما يصحبه من متعة (مازوشيّة) عن الرّكب، فالمترجم على حدّ تعبير بونتاليس (Pontalis) "يجب أن تكون لديه قدرة لامتناهية على  الحزن"6. لا بدّ من الحزن، ربّما لأنّ الموضوع المفقود  تامّ كلّيّ، وبالتّالي فإنّ فقدانه بلا رجعة، وبلا واسطة تجعل الفقدان مقبولا إلى حدّ ما، أي تفتح إمكانيّة فعل الحداد وإنهاء الحزن.. لا بدّ من الحزن أيضا لأنّ المترجم لا يدري ما يفعل حيال الغربتين اللتين تواجهانه : غربة لغته وغربة لغة فرويد. إذ كيف يمكن لنا اجتياز محنة الغريب في اتّجاه واحد، متجنّبين مواجهة الأليف الموحش أو ما يسمّى بالألمانية الـ unheimlich في لغتنا ذاتها؟

 

لن نتوقّف طويلا عند الجدل المحتدم الذي سبّبته ترجمة الأعمال الكاملة لفرويد في فرنسا، لكن يمكن أن نقول إنّ ظهور الخطاب التفجّعيّّ في الوضعيّة العربيّة قد تمّ في سياق مختلف بسبب اختلاف الوضعيّة الطّرحيّة المتعلّقة بها. إنّها لا تخصّ ممارسة التّرجمة، بل إنّ ترجمة أو إعادة ترجمة أعمال فرويد توقّفت تقريبا منذ عشرين عاما7. في السّياق العربيّ، لم يكن خطاب المؤسّس هو موضوع الفقدان المتعلّق بالتّرجمة، بل الآباء أنفسهم، الآباء الذين جعلوا نقل خطاب المؤسّس إلى العربيّة ممكنا. كما لو أنّ اقتباس التّحليل النّفسي، أي اكتساب معرفة الآخر، كان يحتاج إلى عمليّة استلحاق بالتبنّي من قبل آباء- مترجمين. ومن هنا، فإنّ نصيبنا من الحزن سيكون أوفر، ليس لأنّ المترجمين الذين كان يجب عليهم إبداء هذا الحزن لم يعودوا موجودين معنا كي يواصلوا التّرجمة الحزينة فحسب، بل لأنّ الموضوع المفقود ليس، أو ليس فحسب نصّ المؤسّس، بل الآباء المترجمين الذين تحوّلنا بسبب فقدانهم إلى أيتام. فمن ناحية أولى، هناك أبناء مترجمون هم أيتام نصّ المؤسّس، ولكنّهم بصدد الاهتمام بالترجمة وإعادة التّرجمة، مهما كانت النّتائج، ومن ناحية ثانية هناك أيتام الآباء المترجمين، وهم أيتام ليس لهم مشروع ترجمة، لأنّهم متباكون على الآباء أنفسهم، متباكون على الأطلال. 

كيف أمكن الوصول من جهة أولى إلى بناء هذه السّرديّة الهواميّة المتعلّقة بفقدان نصّ المعلّم المؤسّس، ومن جهة أخرى إلى هذه الحالة من الكفّ المصحوب بهاجس شتات وتبلبل مُثبِط ؟ ألا يتعارض هذا الأمر مع التّجربة التّحليليّة المتيقّظة حيال الماليخوليا وحيال تحويل عواطفها إلى مصدر متعة؟ ألا يتعارض هذا مع التّرجمة نفسها باعتبارها تجربة غيريّة تؤدّي إلى تحوّل مبدع؟ أليست التّرجمة عند مؤلّف "الميتاسيكولوجيا" بمثابة قرين بنيويّ للتّحليل النّفسي؟ أليس التّحليل النّفسي، من ضمن أشياء أخرى، آليّة كشف عن المكبوت (فالكبت عند فرويد هو للتّذكير "نقص في التّرجمة")، وترجمة/تفسير للمعنى الخفيّ للحلم، وإعادة ترجمة للطّرح في جميع أشكاله ؟

ولنعد إلى صورة شاعر الصّحراء الباكي على الأطلال كما هو معروف عند العرب، وهي  صورة استعادها الشّعراء الكلاسيكيّون المعاصرون وتغنّت بها المطربة العربيّة المصريّة الكبيرة أمّ كلثوم. إنّها صورة تسكن خيال النّاطقين باللّغة العربيّة، أو خيال كاتبة هذه السّطور على الأقلّ. وقد دافعت دائما عن الفرضيّة التي مفادها أنّ تيمة الوقوف على الأطلال كانت موضوعا لسوء فهم لاشعوريّ، أو لتأويل ماليخوليّ. فشاعر الصّحراء الجاهليّ لم يكن يكتفي ببكاء حبيبته على الأطلال الدّارسة. غالبا ما كانت هذه التّيمة ترد في مستهلّ القصيدة الطّلليّة، ثمّ تختم بعبارات من قبيل : "دع ذا! " أو "عد عن ذا!"، ممّا يسمّيه  نقّاد الشّعر القدماء حسن التخلّص، وبعد ذلك نجد دائما وصفا للرّاحلة ونجد المشهد الذي يعبّر عنه في اللّغة العربيّة بـ "الضّرب في الأرض". وتأتي هذه الخطوة بعد البكاء واللّوعة، كي تضع حدّا لحالة الحداد على الحبيب. وبذلك يقوم شاعر الصّحراء، مدفوعا بطاقة حياتيّة إبداعيّة، يقوم  بوضع حدّ للحداد أو لنقل إنّه يعيش الحداد على الحداد.  

إنّ هذه الصّورة المجسّدة للملمة الذّات واستردادها، يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا، لا من أجل المرور إلى فعل شيء آخر فحسب، كما يفعل البدويّ "المحلّل نفسيّ"، وهو ما سنقوم به من خلال تناول مسألة ترجمة المفردات الفرويديّة، ولكن بإعادة إدراج شيء من الغيريّة المبدعة في التّرجمة ووضعيّاتها الطّرحيّة، وبالتّفكير في شروط إمكانيّة تموقع تحليليّ وترجميّ في ذات الوقت.  

ودون التأثّر بوهم النصّ الكامل والمطلق، وبفكرة المحنة التي لا تأخذ بعين الاعتبار سوى غرابة وحيدة، وفيما وراء الثّنائيّة التي تقابل بين "التّرجمة الحَرْفيّة" و"التّرجمة حسب المعنى"، والاستقطاب بين "لغة الانطلاق" و "لغة الوصول"، فإنّنا يمكن أن ننظر إلى التّرجمة بوصفها "بناء إبداعيّا للنّظائر".8 

إنّها بناء للنّظائر بين اللّغتين لأنّ الألفاظ يمكن أن يعوّض بعضها بعضا، ولكنّها لا يمكن أن تترادف وتتماثل بصفة تامّة. فالألفاظ، من جهة أولى، لا تمتلك نفس الوحدات الدّلاليّة الدّنيا في جميع اللّغات، وهي من جهة ثانية دوال تحيل بلا هوادة تقريبا إلى دوال أخرى. إنّها تحتوي على معان، ولكنّها تشعّ في جميع الاتّجاهات. ومن هنا، فإنّ على من يقوم بالتّرجمة أن يقبل بالتّباعد وبالعدول عن الدقّة التّامة مع السعيّ إلى الحفاظ على غرابة النصّ المترجم دون نبذ غرابة اللّغة المترجم إليها، شريطة أن يتمّ نقل المفاهيم، أو النّواة الأساسيّة للمفاهيم حين يتعلّق الأمر بالمصطلحات، ضمن حدّ أدنى من الصّرامة. إنّها ترجمة متيقّظة حيال المكبوتات التي تكشفها اللّغات بشكل بدهيّ. وبهذا، فإنّ اللّغات يكمّل بعضها البعض، إذ تقوم كلّ واحدة منها بإيقاظ ما تركته الأخرى في حالة سبات، وتساهم كلّ واحدة منها بقسط في بناء "لغة أساسيّة" سوف تستمرّ مجزّأة على الدّوام. وهذه "اللّغة الأساسيّة" هي أقرب إلى تصوّرات فرويد عن التجليّات اللّغويّة للاّشعور منها إلى تصوّر بنيامين Benjamin عن اللّغة النقيّة الأصليّة (Reine Sprache). 

لا شكّ أنّ فرويد تجنّب في تنظيره للحلم الرّمزيّة الكونيّة التي ينجرّ عنها افتراض وجود "مفاتيح للأحلام" تنطبق على كلّ الذّوات، كما هو الشّأن في التّفسير التّقليديّ للأحلام. كما تجنّب، في خصومته مع يونغ القول بـ "نماذج بدئيّة" صالحة للجميع. لكنّ ذلك لم يمنعه من الإشارة إلى وجود تشابه بين التّخييلات اللّغويّة لدى الذّوات، تشابه لا ينفي فرادة خطاباتهم الفرديّة واختلاف ألسنتهم. فقد كتب فرويد يقول في حاشية أضافها سنة 1914 إلى فقرة في كتابه "تفسير الاحلام": «هكذا، على سبيل المثال، يحدث أن يرى الحالمون المجريّون في أحلامهم المصحوبة بالتبوّل، سفينة تطفو على الماء، وذلك رغم خلوّ اللّغة المجريّة من الكناية عن "الإبحار" بـ"التبوّل"... وفي أحلام الفرنسيّين وغيرهم من اللاّتين، ترمز الغرفة (Zimmer) إلى المرأة (Frau)، وذلك رغم جهل هذه الشّعوب المطلق بما يعادل لفظ "Frauenzimmer" [المركّب من اللّفظين السّابقين] أي المرأة عند الألمان"9.  

إنّ هذا الاختلاف/التّكامل بين اللّغات، هو ما يمكّننا من إيجاد أساس نظريّ للتّرجمة بوصفها بناء للنّظائر، لا بحثا يائسا حزينا أو مهووسا عن التّرادف التامّ.  

ويمكن لهذا البناء للنّظائر أن يتمّ، في بعض وضعيّات التّثاقف، دون استعصاء كبير للتّرجمة، وبأقلّ ما يمكن من استحالتها، كما هي الحال مع ترجمة أعمال فرويد إلى اللّغة العربيّة على ما أرى، وخاصّة في السّياق التّاريخي للخمسينات والستّينات من القرن الماضي.  

فمن الواضح أنّ اللّغة العربيّة ليس شأنها مع التّحليل النّفسيّ شأن اللّغة الصّينيّة مثلا، فهي  متجاورة تاريخيّا مع اللّغات الأوروبيّة على الرّغم من اختلافها عنها من حيث بنيتها الصّرفيّة وانتماؤها إلى عائلة اللّغات الساميّة. وقد نتج عن هذا التّجاور ثلاثة معطيات تتّصل بترجمة المعجم الفرويدي: 

 -تمثّل ثنائيّة النّفس (psyché/ psyche) والجسد (soma) عموما، إطارا مفهوميّا ملائما لترجمة مفهوم الـ(psyche/ psychisme) وللنّفاذ إلى نظريّة فرويد في الدّافع الغريزي (pulsion / drive) بوصفه "مفهوما يقع على تخوم النّفسيّ والجسديّ". وبالمقابل، نجد أنّ اللّغة الصّينيّة لا تعزل النّفس عن الجسد باعتبارها كيانا مستقلاّ بذاته. فمصطلح "جينغ شن" (jingshen) الذي نجده اليوم حاضرا في كلّ المفاهيم المشتقّة من النّفس في الصّينيّة "يعني في الأصل (روح)، ولكن بمعنى الإله لا بمعنى نقيض الجسد"10. وهكذا، يمكننا القول بأنّ خطر المفردات اللغويّة الجديدة التي تتماسّ مع الدّين وتبتعد عن عالم التّحليل النّفسيّ هو أكبر في عالم المفاهيم البوذيّة منه في عالم اللّغة العربيّة.

- هناك تراث طبّيّ يونانيّ لاتينيّ خاصّ بتصنيف الأمراض قد ورثه العرب. وهذا الإرث سمح  باستحضار عدد من المصطلحات اليونانيّة الأصل، مثل الماليخوليا (mélancolie/melancholy) والمانيا (أو      الهوس) (manie/ mania). هذه المفاهيم تمّ تعريبها واستوعبتها اللّغة العربيّة منذ ما يربو عن ألف عام عن طريق أطبّاء وفلاسفة عرب أمثال الرّازي [865-932 م] وابن سينا [980-1037 م].  

- تمّ تعريب الكلمات المشتقّة من أسماء الأعلام، على غرار "النّرجسيّة" (narcissisme/narcissism) و"الساديّة" (sadisme/sadism) و"المازوشيّة" (masochisme/ masochism)، وهذا على عكس ما تمّ في العالم الصّينيّ الذي يصعب فيه بيان تلك النّسبة، لأنّ الإحالة على أسماء الأعلام تبقى غامضة، وتستدعي ترجمة تفسيريّة. تصعب في هذا العالم الإحالة العابرة إلى أسطورة نرجس (Narcisse)، أو نصوص المركيز دي ساد (Marquis de Sade) أو ليوبولد فون ساشر مازوخ (Leopold von Sacher- Masoch).  

ولنلاحظ أيضا السّهولة التي يمكننا بها ابتداع ألفاظ عربيّة كما لو كان الأمر بسحر ساحر.  يمكننا مثلا توليد ألفاظ جديدة عن طريق اشتقاق أسماء من الجذور لا سيّما الثّلاثيّة، أو عن طريق التّعريب، كما في "النرجسية"، أو عن طريق استعادة كلمات قديمة كما هو الحال في ترجمة "angoisse/anguish" بـ "هيلة"، أو اعتماد كلمات شائعة كما هو الحال في "صدمة" مقابل ''trauma/trauma''. بل إنّه يمكننا أيضا استخدام طريقة من شأنها تقريب اللّغة العربيّة من اللّغات التّراصصيّة (langues agglutinantes)، وهو ما يسمّى "النّحت" أي دمج كلمتين مختلفتين، أو إضافة لاحقة للكلمة. وبهذا أمكنت ترجمة مصطلح "préconscient/preconscious " بـ"قَبْشُعُور" أو "قَبْلَشُعُور" ومصطلح "prégénital/ pregenital" بـ"قَبْتَنَاسُليّ" أو "قَبْلَتَنَاسُليّ". كما يمكّن تعدّد الأوزان الفعليّة، التي تشير إلى اختلافات في المعنى الأساسيّ، من ابتداع ما نشاء من الأسماء حسب الحاجة. وعلى سبيل المثال، فقد سمح وزن "فُعَال" المخصّص لتسمية الأمراض أو العيوب الخَلْقيّة بابتداع صيغة تشمل "الرُّهاب" أو "الخُواف" مقابل "phobie/phobia" و"العُصاب" مقابل "névrose/neurosis" و"الذُّهان" مقابل "psychose/ psychosis"، بل وكذلك "العُظام" مقابل "paranoïa/paranoia" و"الرّحام" مقابل "hystérie/hysteria" عند المترجمين الذين فضّلوا الابتعاد عن استنساخ تلك المصطلحات.  

ورغم نزوع البعض نحو كلمات توحي بمعان عتيقة، وتكشف ربّما عن رفض للتّرجمة، أو لنقل عن إنكار للطّابع اللاّشعوريّ للعمليّات النّفسيّة، على غرار ترجمة "mécanisme/mechanism" بكلمة "حيلة"11 لأنّ الميكانيكا أو علم الآلات كان يسمّى عند العرب "علم الحِيَل"، فإنّنا نلاحظ أنّ معظم المترجمين العرب لم يبدوا كبير مقاومة تجاه غريب وجديد التّحليل النّفسي. من ذلك مثلا أنّ مصطلح " abstinence" المتعلّق بإيطيقا الممارسة التّحليليّة لم تتمّ ترجمته بكلمة "العفّة"، بل بمصطلح محايد لا يحيل البتّة على الدّين والأخلاق، هو "الامتناع". بل إنّ المترجمين العرب شدّدوا منذ فترة مبكّرة على الفرق بين الدّافع (pulsion /drive) والغريزة12 (instinct)، رغم أنّ إسحاق رمزي لم يستطع مراعاة الدّقّة في ترجمته كتاب "ما فوق مبدأ اللذّة" سنة 1952. 

ونلاحظ أنّ بعض الكلمات العربيّة، بما تحمله من طاقات تأويليّة ومن إحالات دلاليّة مذهلة، قامت بتسليط أضواء جديدة على التصوّرات الفرويديّة. إنّها تؤدّي المصطلح وتثريه في الوقت نفسه. فعلى سبيل المثال، تمّ التّعبير عن مفهوم "culpabilité/ culpability" أي التأثّم أو الإحساس بالخطيئة بعبارة "الشّعور بالذَّنْب"، إلاّ أنّ لفظ "الذَّنْب" قريب من لفظ "الذَّنَب" أي "الذَّيْل" المحيل على الشّيء الجنسيّ وعلى العضو الذّكوريّ (الذي تطلق عليه ألفاظ تدلّ على "الذّيل" في بعض اللّهجات العربيّة، وفي الفرنسيّة، ويشبّهه الأطفال بالذّيل). ومن هنا، فإنّ هذه التّرجمة قد تثير المكبوت وتوقظ الأليف الموحش الكامن في الكلمات العربيّة.  

ولنأخذ مثلا لفظ "''phallus، فقد ترجمه البعض بلفظ "قضيب"، وهو من الأسماء التي تطلق على العضو الذّكوريّ عن طريق المجاز، ومن معانيه كذلك الفرع المقطوع والسّيف وبعض الأدوات الأخرى ذات الطّابع القضيبي. فهو مناسب لترجمة رمز الرّغبة الذي لا يمتلكه أحد في نهاية الأمر، لا يمتلكه أحد لأننا في عالم الإخصاء والحدّ من المتعة. ثمّ هو أيضا مصطلح مناسب تماما للافتراضات اللاّكانيّة حول علاقة المرأة بالخصاء، فالرّجل يملك القضيب "على أرضيّة عدم امتلاكه إيّاه"، والمرأة هي القضيب "على أرضيّة أنها ليست القضيب" حسب جاك لاكان. نجد هذه النّقلة من  التملّك إلى الكينونة في تشبيه المرأة الحسناء بـ"القضيب". إنّها فينوس العرب الغابرة الجامعة بين دقّة الخصر وثقل الردفين، فهي "قضيب على كثيب". وقد اقترح المحلّل اللّبناني مصطفى حجازي مترجم كتاب "معجم فرويد" سنة 1984 تعريب كلمة "phallus" بكتابتها "فَالُوس" لتفادي الخلط بين الذّكر "pénis/penis" و"phallus". ولكن هذا اللّفظ يشير في لهجة أهل تونس، وربّما عند المغاربة بصفة عامّة، إلى "الفَلُّوس" أي فرخ الطّيور. وهذا اللّفظ يبعدنا طبعا عن "القضيب" باعتباره دالاّ للرّغبة ورمزا للقوّة والانتصاب الدّائم، وباعتباره مختلفا تبعا لذلك عن العضو الذّكوريّ. ثمّ إنّ معنى فرخ الطّير يحيلنا مرّة أخرى على العضو الذّكوريّ، لأنّه يسمّى "العصفور" في بعض اللّهجات العربيّة، ويسمّى "الحمامة" في اللّهجة المصريّة.   

كما تكشف بعض التّرجمات، لا سيّما لمن يعرف اشتقاق الكلمات، عن تنظيمات مفاهيميّة أخرى جديرة بالاهتمام حول الجنسانيّة. فقد اقترح بعضهم لفظ "الشّبقيّة" أو "الغُلْمَة" مقابل "érotisme/erotism". أمّا في ما يخصّ نظريّة الدّوافع، واستناد فرويد إلى إيروس إله الحبّ لتسمية دافع الحياة ومبدأ الجمع في مقابل تانتوس، إله الموت الذي يرمز إلى دافع الموت ومبدأ الفصل، فإنّ لفظ "الجماع" الذي من معانيه الجمع إضافة إلى ممارسة الجنس  يبدو لي أكثر ملاءمة. أمّا في ما يتعلّق  بالجنسانيّة، فإنّ "الشّبقيّة" و"الغُلمة" ممّا يدعونا إلى التّفكير، فهما يحيلان على "الشّهوة" في الجسد  الحيّ النّابض ويحيلان على تزاوج البشر وتزاوج الحيوان، وبالتّالي فهما يتميّزان بصراحة أشدّ من تلك التي نجدها في مفهوم الـ"érotisme/erotism" الذي طالما تحاشاه فرويد، لأنّه كان ينتهج مبدأ الصّراحة، وكان يريد تسمية "القطّ قطّا"، ويرفض تقديم أي  تنازلات مصدرها الشّعور بالحرج أو الخجل الاجتماعيّ. وبالتّحديد، فإنّ "الشّبقيّة" يمكن أن تحيل على تسافد الحمير، وهو ما يسمح لي شخصيّا بتخيّل إيروس من غير جناحين، بل بأذني حمار كبيرتين. وليس هذا الخاطر بالغريب ميثولوجيّا ولغويّا، فإنّ  "إيروس" اليوناني نفسه "أَيْر" العربيّ بإضافة الزّائدة اللّغويّة اليونانيّة لتمييز الأعلام "إيس" (is)، وهو نفسه "العَيْر" أي الحمار عند العرب.13 وبهذا توقظ هاتان الكلمتان المقترحتان هوامات حيوانيّة مرتبطة بالقدرة الجنسيّة الذّكوريّة، وبتسمية الجنسانيّة القضيبيّة للمرأة والرّجل على حدّ سواء.

كما نلاحظ أيضا كيف قامت بعض العبارات العربيّة بإثراء المفردات الفرويديّة بشكل مغاير، وذلك بإقحام مجموعات من الدّوال التي لا مقابل لها تقريبا في اللّغات الأوروبيّة. فيمكننا على سبيل المثال انطلاقا من الجذر الثّلاثي (س ر ر) توليد عدّة ألفاظ ذات علاقة وطيدة بإطار ممارسة التّحليل النّفسيّ، منها  (السرّ)، و(السّرير) الذي يستلقي عليه المتحلّل ومنها (سريريّ) بمعنى "كلينيكيّ"، ومنها (السّريرة) بمعنى "النّفس الدّفينة" أو المحاطة بالسريّة. والرّأي عندي أنّ القوّة التّعبيريّة لهذه المصطلحات من شأنها تعميق دلالة الإطار التّحليليّ عند النّاطقين بالعربيّة : إطار يبرز دلالات السريّة وصيانة السرّ وانكشاف المكبوت الدّفين، من خلال دوال تربط بينها دلالتها على إطار ممارسة التّحليل من جهة أولى، ويربط بينها من ناحية أخرى الجناس الجزئيّ بين ألفاظ مشتقّة من نفس الجذر.

إنّ سهولة استنباط الكلمات الجديدة مع ما يتبع ذلك من متعة الظّفر بالشّيء النّفيس، أمر مستساغ لدى واضعي المصطلحات في جميع اللّغات. إلاّ أنّ هذه السّهولة وهذه الاستساغة ربّما تكون أقوى في اللّغة العربيّة بصفة خاصّة، لأنّ ترجمة أعمال فرويد إليها - كما سنرى – ذات صبغة غير مؤسسيّة. وبهذا، فإنّ تشتّت المفردات الفرويديّة، خلافا لما جاء في أسطورتنا حول الشّتات والتّبلبل، كان موجودا منذ انطلاق أولى التّرجمات، واتّخذ مسارا متسارعا واكتسى طابعا أعراضيّا، ربّما، انطلاقا من سبعينات القرن الماضي. إنّنا بعيدون إذن عن الأصل الكامل، عن ذلك الهاجس الملازم للتشكّلات ذات الطّابع الماليخوليّ و/ أو الميتافيزيقي.  

فعلى سبيل المثال، ترجم مصطفى صفوان (1958)14مفهوم "angoisse/anguish" بـ"هَيْلَة" وترجمه ومصطفى زيور (1975)15  بـ"حَصْر". الهيلة هي الشّيء المَهُول أي المُفْزِع، ولكن الفعل "هال" في صيغة المبنيّ للمجهول يعني "فزع من رؤى أو أحلام مخيفة"16 . ولعلّ هذه الإشارة إلى الحلم هي ما يفسّر اختيار هذا اللّفظ من قبل مترجم كتاب "تفسير الأحلام". أمّا "الحصر"، فيشير في اللّهجات العربيّة إلى التّقييد والتّضييق، وإلى الضّجر وضيق الصّدر والتّلجلج في الكلام. كما يشير في اللّغة العربيّة الفصحى واللّهجات العربيّة الدّارجة إلى احتجاز البول. ولكن سبق للمصريّ أحمد عزّت راجح في أوائل خمسينات القرن الماضي أن وضع مصطلح "حصر" مقابل 17"anxiété/anxiety". وفي عام 1995 ، قام المعجمي المصريّ حفني18، ربّما بتأثير من اللبناني مصطفى حجازي الذي ترجم معجم لابلانش وبونتاليس (1984)، بترجمة مفهوم "angoisse/anguish" بـ "القلق" الذي يعني اليوم التكدّر، والانشغال، والهمّ، والاضطراب19.  

ويعتبر مفهوم الـ"identification" مثالا آخر يوضّح التّباينات المصطلحيّة بين المترجمين المصريّبن. فقد ترجمه أحمد عزّت راجح بـ"التقمّص"، وهو مصطلح مسرحيّ في اللّغة العربيّة الحديثة، للإشارة إلى "تقمّص دور شخصيّة ما"، والتّقمّص مشتقّ من فعل لبس القميص، ومن هنا تشبيه  "التّماهي مع الشخصيّة" بلبس قميصها. أمّا مصطفى صفوان، فاقترح لفظة جديدة أكثر دقّة هي "التّعيّن"، وهي مأخوذة من عبارة "الشّيء عينه" إذ يعبّر في العربيّة عن فكرة المثيل بلفظ "عين". وقد ابتدع سامي عليّ في عام 201961 مصطلح "التوحّد" المشتقّ من فعل "توحّد" ، لكن هذا المصطلح سيتخدم في مصر ذاتها، وللأسف للدّلالة على  "مرض التوحّد" (autisme/ autism).  

ولنذكر كمثال آخر أيضا ترجمة كلمة "délire/delusion". فقد اقترح  اثنان من روّاد المترجمين المصريّين هما صفوان و أحمد عزّت راجح مصطلح "هُجَاس" على وزن "فُعال" لترجمتها. ووزن "فعال" كما أشرنا مختصّ ببناء الألفاظ ذات الصّلة بالتشّوهات الخلقيّة والأمراض. ومن معاني الفعل هجس: "هَجَس الأَمرُ في نَفْسي يَهْجِسُ هَجْساً: وقع في خَلَدي... والهاجِس: ما يخطر في الضّمائر ويدور فيها من الأَحاديث والأَفكار"21. وقد اختار مصطفى زيور وعليّ سامي الجذر "هذى" الذي يعني الهَذَر أو الخَرَف، واشتقّا منه "الهُذاء" على وزن "فُعال" الدّال على المرض و"الهَذَيَان" على وزن "فَعَلان" الدالّ على الهيجان، ذلك أنّه بالإمكان اختيار جذور مختلفة أو صيغ اشتقاق مختلفة لنفس الجذر لترجمة نفس المفهوم. إلاّ أنّنا نجد "هُجَاس" أيضا عند راحج إذ يترجم "paranoïa/paranoia" بـ"هذيان هُجاسيّ". وسنجد في وقت لاحق نفس المصطلح عند جورج طرابيشي22  في ترجمته "hypocondrie/hypocondria" بـ"هُجاس المرض". وسيستخدم حفني وعدنان حبّ الله23  بعد حوالى ثلاثين عاما من ذلك، الشّكل النّعتي لنفس المصطلح مقابل النّعت الفرنسيّ "obsessionnel". وبهذا، فإنّ الحالة تزداد سوءا حين يتمّ إطلاق نفس المصطلح للدّلالة على مفاهيم تحليليّة مختلفة اختلاف " délire/delusion " و"paranoïa/paranoia" و"hypocondrie/hypocondria" و"névrose obsessionnelle/obsessional neurosis". وهذا التشتّت المصطلحيّ لا بدّ أن يخلق حالة من انعدام النّقل والتّواصل، بل ربّما أدّى إلى الخلط المفاهيميّ.  

ومع بداية السّبعينات من القرن الماضي، تفاقم الوضع واتّخذ التشتّت شكل انقسام بين المترجمين المصريّين والمترجمين اللّبنانيّين بلغ حدّ المساس بالمفاهيم الرّئيسيّة في التّحليل النّفسي وعلى رأسها مفهوم (l’inconscient/unconscious).  فقد عبّر عنه أوائل المترجمين من خلال مصطلح قديم مقتبس عن الشّيخ الأكبر محيي الدّين ابن عربي الصّوفي الأندلسي [1165 – 1240 م]، وهو "اللاّشعور"، أي نفي المعرفة والشّعور. وترجمه كلّ من جورج طرابيشي ومصطفى حجازي وعدنان حبّ الله بـ"اللاّوعي" أي نفي الوعي مع الإحالة على فكرة الاحتواء. وسنجد نفس هذا الانقسام الإقليمي حاضرا في ترجمة مفهوم "pulsion/drive" الذي عبّر عنه أوائل المترجمين بـ"غريزة" أي بما يقابل مفهوم "instinct"، قبل أن يستعاض عنه بعبارة "دافع غرائزيّ"، ثمّ مصطلح "نَزْوَة" عند اللّبنانيّين مصطفى حجازي وعدنان حبّ الله. من من معاني الفعل نزا: الوثوب والقفز، ومنه "نَزْو التَّيس ولا يقال إلاَّ للشّاء والدَّواب والبقر في معنى السِّفاد"24 .هذا المصطلح ربّما يكون لقية جميلة في حدّ ذاتها، لولا أنّ لفظ "نزوة" يعني في الاستخدام الحديث ما يعنيه اللّفظ الفرنسيّ "caprice"، أي الرّغبة العابرة التي ليست لها قوّة الدّافع وإصراره. ثمّ إنّ هذا المصطلح جاء ليحلّ محلّ مصطلح "الدّافع الغرزيّ" الذي فرض نفسه. وتنطبق هذه الظّاهرة نفسها على مفهوم "ambivalence" الذي يترجمه كلّ من صفوان وزيور بالتّعبير المركّب  "ازدواج وجدانيّ" بينما يترجمه كلّ من مصطفى حجازي وعدنان حبّ الله بعبارة "تجاذب وجدانيّ". كما أن هذين المحلّلين النّفسيّين لا يعتمدان النّقل اللّفظي لمصطلح "paranoïa/paranoia" ويستخدمان كلمة مبتدعة هي "العُظام". وانطلاقا من لفظ "ماهيّة"، ابتدع جورج طرابيشي الفعل "تماهى" ومنه المصدر "تماهي" مقابل " identification"، وهذا المصطلح لقي نجاحا كبيرا وانتشارا في مجالات أخرى غير التّحليل النّفسي. إلاّ أنّ المصريّين يستخدمون مقابله لفظ "تَعَيُّن" الذي اقترحه مصطفى صفوان أو لفظ "توحّد" الذي اقترحه سامي عليّ. 

ولكي أكون أكثر دقّة وأكثر ابتعادا عن مبالغات الصّور النمطيّة البابليّة والكوارثيّة، قمت بتوسيع عيّنة الأمثلة والكتّاب. ومن هذا المنطلق، أعددت ثبتا يضمّ بصفة مؤقّتة 150 لفظ فرويديّ استقيتها من قراءاتي العشوائيّة لترجمات أعمال فرويد إلى العربيّة، ومن موسوعة لعلم النّفس والتّحليل النّفسي، وثلاثة قواميس، ومعجمين اثنين، ومعجمين آخرين لشرح المفردات، وثلاثة فهارس ثلاثيّة أو رباعيّة المداخل. ويمسح هذا الكشف الفترة الممتدّة من سنة 1952، تاريخ نشر ترجمة "مقدّمة في التّحليل النّفسي" من قبل أحمد عزّت راجح [1908-1980 م] إلى سنة 2004 تاريخ ظهور كتاب عدنان حبّ الله المذكور آنفا والمتضمّن معجما لشرح المفردات بثلاث لغات. ومع أنّ هذا الكشف أبعد ما يكون عن الشّموليّة، إلاّ أنّه يسمح بإبداء الملاحظات التالية :  

- استقرّ المعجم العربيّ للتّحليل النّفسيّ نسبيّا في ما يتعلّق بعدد كبير من المصطلحات من بينها:

castration, condensation, fixation, perlaboration, projection, processus primaires/primary process, névrose/neurosis, psychose/psychosis, refoulement/repression, régression/regression, séduction/seduction, topique/topical, surdétermination/overdetermination

 

إلاّ أنّه يتّضح من خلال هذا الكشف أنّ العديد من المفاهيم التّحليليّة ترجمت بطرق مختلفة وبنفس التّواتر تقريبا. ومن ذلك مثلا :

-          4 مصطلحات لترجمة "''identification ؛   3 مصطلحات لترجمة "transfert/transfer   5 طرق لترجمة "névrose obsessionnelle/obsessional neurosis"؛ 7 مصطلحات لترجمة "introjection" ؛   4 طرق لترجمة " théorie cloacale/cloacal theory" ؛     4  طرق لترجمة " phobie/phobia" ؛      3 مصطلحات لترجمة " sublimation'" ، إلخ... 

ولعلّ الأكثر خطورة هو ظاهرة الثّنائيّات والثّلاثيّات، إذ نلاحظ قابليّة التّبادل والخلط بين المقابلات العربيّة لمصطلحات مختلفة : خلط بين "transfert/transfer" و"déplacement/displacement" وبين " schizophrénie/ schizophrenia," و"clivage du moi/ego splitting" وبين "identification" و"autisme/autism" وبين "délire/delusion" و"obsessions".  

ولا مندوحة لنا هنا من تقرير أثر مخصوص من آثار هذا التشتّت المصطلحيّ. فمؤلّفو المعاجم والقواميس يميلون إلى تكريس التضخّم المصطلحيّ حين يذكرون جميع الاختيارات المصطلحيّة، ممّا يترك القارئ في حالة تشوّش تامّ. هل يتعلّق الأمر هنا بمنهجيّة تعتمد على اللاّمبالاة أم بأنا أعلى  قوميّ يدفع المترجمين لحماية وحدة اللّغة العربيّة على الرّغم من هذا التشتّت المصطلحيّ ؟ ليس لي جواب محدّد. ولعلّه من المفارقات ألاّ ينتج هذا التشتّت حوارا ونقاشا حول التّرجمة، وأن يعمل في صمت منتجا تلك الانطباعات الشّتاتيّة والماليخوليّة التي حاولنا النّظر فيها آنفا.  

فما الذي حدث، أو بالأحرى ما الذي لم يحدث، حتّى لا يجد المعجم الفرويديّ الوقت اللاّزم للثّبات والاستقرار النّسبيّ طوال السّنوات الستّين التي تفصلنا عن التّرجمات العربيّة الأولى لأعمال فرويد ؟ ما هي المأساة الكامنة وراء هذا السّعي المحموم نحو توليد مفردات جديدة، وراء ذاك الرّكض نحو تحقيق السّبق، وراء تكرار البدايات في كلّ مرّة؟  نظرا لضيق المجال، فإنّني لن أتبسّط في النّقاش بشأن المجالات التي يظهر فيها الولوع باستحداث المصطلحات الجديدة، أو المجالات التي تظهر فيها الحاجة إلى إعادة التّرجمة، حيث تعوق عمليّة  بناء النّظائر استحالة التّرجمة أو متعة الانفراد باللّقية الطّريفة. فهذا موضوع جدير بأن يفرد ببحث مستقلّ.

على أنّ ما أودّ التّشديد عليه في المقام الأوّل متعلّق بمسألة بنيويّة تهمّ بصفة مباشرة ممارسة التّرجمة في العالم العربيّ، هي غياب قاعدة مؤسّسيّة على المستويين المحليّ والإقليميّ لهذه الممارسة. لقد تمّ خلال سنة 2006 إنشاء "فريق المحلّلين النّفسانيّين النّاطقين بالعربيّة" في الرّباط، ولكنّه لم يبدأ العمل بعد. كما تمّ عقد عدّة مؤتمرات، لكن المؤتمرات لا يمكنها أن تغني عن المؤسّسات أو أن تحلّ محلّها.

علينا أوّلا أن نلاحظ عدم وجود مشروعين ضروريّين لترجمة التّحليل النّفسي ونشره في العالم العربيّ: 

1- مشروع لنشر الأعمال الكاملة لفرويد. فجميع محاولات التّرجمة كانت فرديّة أو بين فردين، إذ حمل جورج طرابيشي وحده على سبيل المثال عبء ترجمة 33 نصّا من نصوص فرويد25 . وقد اقتصرت بدايات المأسسة على فريق كان يقوده مصطفى زيور (أساسيّات التّحليل النّفسي) وهو ما أدّى ، على حدّ علمي، إلى ترجمة الأعمال التّالية: 

-         حياتي والتّحليل النّفسي، عبد المنعم المليجي ومصطفى زيور، 1957.  

-        تفسير الأحلام، مصطفى صفوان، 1958.  

-        الموجز في التّحليل النّفسي، سامي محمود عليّ وعبد السّلام القفّاش، 1962. 

-         ثلاث مقالات في نظريّة الجنس، سامي محمود عليّ، 1963. 

-        خمس حالات من التّحليل النّفسيّ، صلاح مخيمر وعبده ميخائيل رزق، 1973.  

-         خمس محاضرات في التّحليل النّفسي، نيفين زيور، د.ت. 

أضف إلى ذلك، أنّ شتات المحلّلين النّفسيّين العرب يقلّل من المحلّلين النّفسانيّين المشتغلين باللّغة بالعربيّة، أضف إلى ذلك عدم إعادة نشر أعمال الروّاد، أو اقتصار إعادة النّشر على طبعات محلّيّة محدودة الانتشار. ولعلّه من حسن الحظّ أن تكون تلك التّرجمات متاحة على الشّبكة العالميّة العنكبوتيّة في شكل كتب مصوّرة (هي في الواقع مقرصنة، وهذه مشكلة أخرى)، ممّا يجعلها في متناول الرّاغبين في الاطّلاع على أعمال فرويد والمهتمّين بالتّحليل النّفسي.  

2- محاولة توحيد المفردات. ففي حين تعود المحاولات الأولى لتوحيد المفردات الفرنسيّة للتّحليل النّفسي إلى سنة 1926 (تاريخ تأسيس اللّجنة اللّغويّة لتوحيد مفردات التّحليل النّفسي الفرنسيّة)، فإنّنا نلاحظ انعدام أيّ جهد من هذا القبيل في العالم العربيّ.

وباختصار، فإنّ المؤكّد أن لا وجود لترجمة للمصطلحات الفرويديّة إلى اللّغة العربيّة بمعزل عن  استخدام التّحليل النّفسي وممارسته. وهي بالتّالي الشّجرة التي تخفي الغاب بقدر ما تظهرها، ومن هنا تنبع أهميّة تخصيص دراسة لها. وإذا ما كنّا نعيش الآن أزمة مصطلحات، ومفاهيم شاردة، وعسر في النّقل والتّواصل، وولوع لا حدّ له باستنباط الجديد، فإنّ ذلك لا يعود إلى عجز اللّغة العربيّة عن التّعبير عن التّجربة التّحليليّة أو إلى عدم كفاءة المترجمين، كما لا يعود أيضا لتصاريف القدر، إذ أنّ مصدر الارتباك أكبر وأشمل من ذلك. ومع ذلك، يمكنني القول انطلاقا من مسألة الترجمة إنّ النّهوض بعبء التحديّات الرّاهنة بالنّسبة لترجمة أعمال فرويد في العالم العربي، يتطلّب:  

  • إخراج التّرجمة من السّجلّ الماليخوليّ، بإحلالها في إطار البناء الإبداعيّ للنّظائر، بدل إحلالها  في سجلّ فقدان نصّ المعلّم والمعلّمين الذين ترجموا أعماله.  

  • إبراز وضعيّة وخصوصيّة التّرجمة والتّحليل النّفسي. وإنّني لأدعو القارئ إلى التّفكير في هذه الأمنية التي أعرب عنها فرويد بشأن ترجمة كتابه "تفسير الأحلام" : "في 24 كانون الأوّل/ديسمبر من سنة 1921 ، أسرّ فرويد لغاستون غاليمار :"... على المترجم... أن يكون في أعماقه محلّلا نفسيّا ويستبدل جميع الأمثلة بأمثلة من لغته الأمّ"26. إنّ فرويد هنا يرفض تقييد حرّيّة المترجم بلفظه ونصّه. وهو إلى ذلك لا يشترط على المترجم أن يكون محلّلا نفسيّا،  بل يشير ربّما إلى ما يمكن أن يجمع التّرجمة والتّحليل النّفسي من مقتضيات.  أن يكون المترجم "في أعماقه محلّلا نفسانيّا" يعني أن ينتبه إلى الدّوال، أي إلى الكلمات وإلى ما تحيل إليه على نحو بديع مدهش، وأن لا يكرّس الكبت، أي أن يستقبل عودة المكبوت ويستقبل التّخييلات التي تحتضنها اللّغات على نحو مختلف.  

  • وأخيرا، لا بدّ من التّأكيد على أهميّة الاستخدام، وأهميّة قابليّة الانتقال والتّواصل. فعلى افتراض أنّ بعض الكلمات لم تترجم بشكل صحيح، فإنّ قوّة الاستخدام وحسن الاستخدام التّحليليّين كفيلان بتصحيح أخطاء التّرجمة. ذلك أنّ اعتباطيّة الدّليل تعود إلى المصطلح على نحو من الأنحاء وتنسي المستعملين سوء اختياره رغم كلّ شيء، إلاّ في الحالات القصوى من سوء الاختيار وسوء الفهم. فالحريّة المنشودة في ممارسة  بناء النّظائر قد تقود كما رأينا إلى تغذية متعة استنباط الجديد بغير حدود. 

 

ومن المؤكّد أنّ وجود قاعدة مؤسسيّة لترجمة أدبيّات التّحليل النّفسيّ ونقلها، وهو  ما نفتقر اليه حتّى الآن في العالم العربيّ، من شأنه أن يلعب دورا توحيديّا معياريّا، لكنّه سيسمح كذلك بتحديد وضعيّة التّحليل النّفسي بشكل أفضل، لأنّ مفاهيمه غالبا ما تستخدم بطريقة فجّة، أو على نحو يخلّ بخصوصيّتها، وخصوصيّة موضوعها-اللاّشعور- وصعوبة إدراكه، وخصوصيّة أساسها الأبستمولوجيّ.

هذه القاعدة المؤسّسيّة ستحدّ أيضا من الأهواء الأنويّة، ومن رغبات التّنافس والسّيطرة، وتوجد  مرجعيّة مجرّدة مستقلّة،  إلى حدّ ما على الأقلّ، عن سلطة المعلّمين وسلطة الآباء، وعن صور الأبوّة والبنوّة التي تؤدّي إلى إعادة إنتاج علاقات الطّاعة ومقابلها النّقمة، والسّلطة وحجّة السّلطة، والتّماهي والاستلاب التّامّ. لا بدّ من هيئة ثالثة لا لا تكون ملكا لأيّ شخص، وهذه الهيئة هي التي قد تمكّن اليتامى الباقين من السّعي والفعل بعد البكاء على الآباء والأطلال.

 

نشرت الترجمة العربية لهذا النص بالتعاون مع مجلّة الأوان

 

 

 

الهوامش والإحالات:

1Cf . La psychanalyse et le monde arabe : La Célibataire, n°8, printemps 2004.
2Berman (Antoine) : « L'Epreuve de l'étranger : Culture et traduction dans l'Allemagne romantique », Paris, Gallimard, 2ème éd. , p. 17.
3Cinquièmes Assises de la traduction littéraire, Arles, 1988, p. 88.
4 وهذا بالطّبع ليس محلّ إجماع. انظر مثلا الموقف النّقدي المتميّز تجاه ذلك في:

Le Rider (Jacques) : « Les traducteurs de Freud à l’épreuve de l’étranger » , Essaim, n° 9/2002, pp. 5-14.

5Georges-Arthur Goldschmidt, « Freud se traduit-il mal? », in : Che vuoi ?, n° 21, 2004, p27.
6 ورد عند:

Michaux (Ginette) : « Psychanalyse et traduction : voies de traverse », TTR : traduction, terminologie, rédaction, vol. 11, n° 2, 1998, pp. 9-37.

7وانظر تحليلا بهذا الخصوص في:

Shneider (Monique): « Eprouver le passage », version numérique :  http://id.erudit.org/iderudit/037334ar

 انظر القائمة الببليوغرافيّة المنشورة في:

Zouein (Josette) : « Freud en arabe : Notice bibliographique », in : Che vuoi ?, La psychanalyse en traduction, n° 21, 2004, pp . 101-104 .

وهي قائمة غير ضافية إذ لا تتضمّن التّرجمات التي قام به المصريّون في خمسينات وستّينات القرن الماضي باسثناء كتاب "تفسير الأحلام" الذي ترجمه مصطفى صفوان (1958).

8Ricoeur (Paul) : « Sur la traduction », Bayard, 2004.
9Freud (Segmund) : « L’interprétation des rêves », O.C.F, t. IV, 1900, p. 397.
10 فيما يخصّ المقارنة مع العالم الصّيني، انظر عرضا متميّزا لذلك عند:

Lanselle (Rainer): « Les mots chinois de la psychanalyse », Premières observations, Essaim, revue de la psychanalyse n° 13, « Horizons asiatiques de la psychanalyse », Toulouse, Érès, 2004, pp. 63-103.

11 نجد هذه التّرجمة في المؤلّفات التّالية:

- محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، ترجمة: أحمد عزّت راجح، مكتبة مصر، القاهرة، د.ت.

- معجم العلوم الاجتماعيّة، إعداد: نخبة من المتخصّصين، تصدير ومراجعة: إبراهيم مدكور، إشراف: مجمع اللّغة العربيّة بالتّعاون مع اليونسكو، الهيئه المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1975.

- موسوعة علم النّفس والتّحليل النّفسي، إشراف ومراجعة: فرج عبد القادر طه،  دار سعاد الصبّاح، الكويت، 1993.

12 الموجز في التّحليل النّفسي، ترجمة: سامي محمود عليّ وعبد السّلام القفّاش، دار المعارف، القاهرة، 1962، ص 106.
13 المعلومة الميثولوجية الأخيرة أفادنا بها المترجم، مشكورا.
14  تفسير الأحلام، ترجمة: مصطفى صفوان، دار المعارف، القاهرة، 1958.
15 معجم العلوم الاجتماعيّة، م.م.س.
16A. De Biberstein Kazimirski, Dictionnaire Arabe-français, Beyrouth, Albourak, 2004, II/1459.
17 محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، م.م.س.
18Dictionnaire Encyclopédique de psychanalyse (en arabe), Le Caire, 1995.
19Kazimirski,  II/806.
20  الموجز في التّحليل النّفسي، ترجمة: سامي محمود عليّ وعبد السّلام القفّاش، دار المعارف، القاهرة، 1962.
21 لسان العرب، مادّة: هجس.
22محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، م.م.س.
23حِبُّ الله (عدنانالتّحليل النّفسي للرّجولة والأنوثة من فرويد إلى لاكان، دار الفارابي، بيروت، 2004.
24 لسان العرب، مادّة: نزا.
25Zouein (Josette) & Derochegonde (Thierry) : « Rencontre avec un traducteur en arabe, Georges Tarabichi », in : Che vuoi ?, n° 21, 2004, pp. 93-99.
26Freud Sigmund, L’Interprétation des rêves, OCF t. IV, 1899-1900, PUF, p. 11.

 

notes

الهوامش والإحالات:

1Cf . La psychanalyse et le monde arabe : La Célibataire, n°8, printemps 2004.
2Berman (Antoine) : « L'Epreuve de l'étranger : Culture et traduction dans l'Allemagne romantique », Paris, Gallimard, 2ème éd. , p. 17.
3Cinquièmes Assises de la traduction littéraire, Arles, 1988, p. 88.
4 وهذا بالطّبع ليس محلّ إجماع. انظر مثلا الموقف النّقدي المتميّز تجاه ذلك في:

Le Rider (Jacques) : « Les traducteurs de Freud à l’épreuve de l’étranger » , Essaim, n° 9/2002, pp. 5-14.

5Georges-Arthur Goldschmidt, « Freud se traduit-il mal? », in : Che vuoi ?, n° 21, 2004, p27.
6 ورد عند:

Michaux (Ginette) : « Psychanalyse et traduction : voies de traverse », TTR : traduction, terminologie, rédaction, vol. 11, n° 2, 1998, pp. 9-37.

7وانظر تحليلا بهذا الخصوص في:

Shneider (Monique): « Eprouver le passage », version numérique :  http://id.erudit.org/iderudit/037334ar

 انظر القائمة الببليوغرافيّة المنشورة في:

Zouein (Josette) : « Freud en arabe : Notice bibliographique », in : Che vuoi ?, La psychanalyse en traduction, n° 21, 2004, pp . 101-104 .

وهي قائمة غير ضافية إذ لا تتضمّن التّرجمات التي قام به المصريّون في خمسينات وستّينات القرن الماضي باسثناء كتاب "تفسير الأحلام" الذي ترجمه مصطفى صفوان (1958).

8Ricoeur (Paul) : « Sur la traduction », Bayard, 2004.
9Freud (Segmund) : « L’interprétation des rêves », O.C.F, t. IV, 1900, p. 397.
10 فيما يخصّ المقارنة مع العالم الصّيني، انظر عرضا متميّزا لذلك عند:

Lanselle (Rainer): « Les mots chinois de la psychanalyse », Premières observations, Essaim, revue de la psychanalyse n° 13, « Horizons asiatiques de la psychanalyse », Toulouse, Érès, 2004, pp. 63-103.

11 نجد هذه التّرجمة في المؤلّفات التّالية:

- محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، ترجمة: أحمد عزّت راجح، مكتبة مصر، القاهرة، د.ت.

- معجم العلوم الاجتماعيّة، إعداد: نخبة من المتخصّصين، تصدير ومراجعة: إبراهيم مدكور، إشراف: مجمع اللّغة العربيّة بالتّعاون مع اليونسكو، الهيئه المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1975.

- موسوعة علم النّفس والتّحليل النّفسي، إشراف ومراجعة: فرج عبد القادر طه،  دار سعاد الصبّاح، الكويت، 1993.

12 الموجز في التّحليل النّفسي، ترجمة: سامي محمود عليّ وعبد السّلام القفّاش، دار المعارف، القاهرة، 1962، ص 106.
13 المعلومة الميثولوجية الأخيرة أفادنا بها المترجم، مشكورا.
14  تفسير الأحلام، ترجمة: مصطفى صفوان، دار المعارف، القاهرة، 1958.
15 معجم العلوم الاجتماعيّة، م.م.س.
16A. De Biberstein Kazimirski, Dictionnaire Arabe-français, Beyrouth, Albourak, 2004, II/1459.
17 محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، م.م.س.
18Dictionnaire Encyclopédique de psychanalyse (en arabe), Le Caire, 1995.
19Kazimirski,  II/806.
20  الموجز في التّحليل النّفسي، ترجمة: سامي محمود عليّ وعبد السّلام القفّاش، دار المعارف، القاهرة، 1962.
21 لسان العرب، مادّة: هجس.
22محاضرات تمهيديّة جديدة في التّحليل النّفسيّ، م.م.س.
23حِبُّ الله (عدنانالتّحليل النّفسي للرّجولة والأنوثة من فرويد إلى لاكان، دار الفارابي، بيروت، 2004.
24 لسان العرب، مادّة: نزا.
25Zouein (Josette) & Derochegonde (Thierry) : « Rencontre avec un traducteur en arabe, Georges Tarabichi », in : Che vuoi ?, n° 21, 2004, pp. 93-99.
26Freud Sigmund, L’Interprétation des rêves, OCF t. IV, 1899-1900, PUF, p. 11.